الجمعة، أكتوبر 17، 2008

الحقــد العـــام‏!‏ (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بانفسهم) كفايه حقد

44510 ‏السنة 133- جريدة الاهرام العدد 2008 اكتوبر 17 ‏17 من شوال 1429 هـ الجمعة




الحقــد العـــام‏!‏
بقلم : د‏.‏ وجدي زيد


‏جاءني صوته عبر الهاتف قلقا متوترا‏,‏ لم أكن أعرفه ولا أعرف كيف حصل علي رقم هاتفي لكنني لمست في نبرات صوته الحيرة والعجز‏..‏

سألني‏:‏ كيف نتعامل معكم أنتم المصريين؟‏!‏
قلت‏:‏ ما هي المشكلة؟

قال‏:‏ المشكلة أننا هنا مؤسسة أوروبية عالمية محترمة ورشحنا أحد علماء مصر المشهود لهم عالميا بالعلم والتفوق والخبرة لأن يكون عضوا بهذه المؤسسة العلمية العالمية‏,‏ واذا بزملائه في مصر يحاربونه ويرسلون الشكاوي فيه إلينا‏,‏ وهذه ليست أول مرة تحدث معنا‏,‏ فلقد أعتدنا علي هذا السلوك من المصريين فهم يحقدون علي أنفسهم ويضيعون طاقاتهم ويبددونها في تحطيم زملائهم في المهنة‏!‏

لم أعرف ما إذ أرد به علي الرجل‏,‏ فصمت لحظات بعدها وجدتني أسأله في تلقائية
ــ ولماذا ترسلون لهؤلاء الحاقدين أصلا؟‏!‏
رد ــ لأنهم أعضاء بحكم المهنة والتخصص‏.‏

سألت‏:‏ وهل يجمع هؤلاء الحاقدون علي رفض زميلهم المتفوق؟
قال‏:‏ للأسف‏!‏

قلت‏:‏ غريبة؟‏!‏
استطرد سريعا‏:‏ لا ليست غريبة عليكم‏..‏ فلقد اعتدنا هذا من العلماء المصريين‏..‏ وكما أن هناك بيئة طاردة كما يقول علماء الاجتماع هناك في مصر بيئة حاقدة‏...‏ هناك حالة حقد عام يعيشها العلماء المصريون؟‏!‏

قلت‏:‏ هذا تعميم ظالم‏!‏ وهناك مثال يقول عكس ذلك‏,‏ هناك مثلا مصطفي السيد العالم المصري الذي يعيش في أمريكا وكتب عن زميله العالم المصري أحمد زويل الذي يعيش في أمريكا أيضا‏,‏ وكان تقييم زميله مصطفي السيد المقدمة والأساس الداعم لحصول زويل علي جائزة نوبل‏.‏

قال‏:‏ انت قلتها بنفسك؟
قلت‏:‏ قلت ماذا؟‏!‏
قال‏:‏ قلت أن مصطفي السيد وأحمد زويل يعيشان في أمريكا وليس مصر‏..‏ لم يكن يستطيع مصطفي السيد ان يخالف ضميره العلمي ولا القناعة العامة ولا الأسس الموضوعية في فرع التخصص‏,‏ ولو حدث لاكتشف المجتمع العلمي في أمريكا ذلك‏..‏ وهذا المجتمع العلمي في أمريكا لا يمكن أن يجمع علي نكران عالم متميز‏,‏ نعم هناك التنافس وحالات قليلة من الغيرة الشديدة‏,‏ لكنكم في مصر صنعتم حالة معقدة غريبة لا تفرح بنجاح المتميزين والمفوقين‏!‏

صمت وطال صمتي وأدرك الرجل أنه قد زاد فتابع في صوت متراجع‏:‏
ــ انتم المصريون أذكياء ومعظم من خرج من مصر لمواصلة تعليمه حقق انجازات مشهود لها في المؤسسات العلمية الدولية‏,‏ بل ويستطيع علماء كثيرون في مصر ان يحصلوا علي الجوائز العلمية العالمية وأن يشغلوا الأماكن العلمية في المؤسسات الدولية في العالم المفتوح الآن ولكن للأسف يضيع المصريون طاقاتهم في مهمة سرية يقومون فيها بمحاربة وتدمير المتميزين منهم‏,‏ وهم بهذا يرتكبون جريمتين في وقت واحدا‏!‏

سألته‏:‏ كيف؟‏!‏
قال‏:‏ أولا هم يقضون علي زميل لهم وثانيا لأنهم مشغولون بالحقد والتبديد لهذا الزميل‏,‏ فهم يبددون بذلك طاقاتهم هم أنفسهم والخاسر في النهاية هو المجتمع العلمي في مصر‏...‏ الحقيقة انتم لا تحتاجون إلي أعداء فانتم افضل اعداء لأنفسكم‏!‏

سألت‏:‏ والحل؟‏!‏
قال‏:‏ أنا الذي أسألك عن الحل‏..‏ انت مصري ولابد أن تعرف الحل؟
قلت‏:‏ الحل هو ما نفعله أنت وأنا الآن‏..‏

سأل‏:‏ كيف؟
قلت‏:‏ أنت الآن كشفت هذه الحرب السرية وما يفعله هؤلاء الحاقدون بزملائهم المتميزين‏,‏ وأنا بدوري سأكتب ليعرف الناس ما يحدث في الظلام مع المتفوقين النابغين‏!‏
رد وفي صوته بعض الارتياح‏:‏

ــ وهل هذا يكفي؟‏!‏
قلت ــ لا يكفي‏...‏ لكنها بداية الحل‏!‏

ليست هناك تعليقات: